قلقك بين العلم و الإرادة .. في اغلب المرات التي اتحدث فيها عن طرق السيطرة علي القلق من زائريني كلايف كوتش او حتي في الكورسات التي اعقدها ، اجد مقاومة نفسية لا بأس بها في اتباع هذه الطرق .. علي اعتبار انها كلام نظري لن يجدي .. يعني نظام (جربته مرة و ما نفعش) او (انا عايزة كلام عملي)!
قلقك بين العلم و الإرادة
عادة ما تكون الطرق التي اطرحها للسيطرة علي القلق هي الطرق التي تنص عليها العلوم النفسية كلها، فلم اقرأ بحثا و لا كتابا و لا دراسة الا و ذكرت نفس الطرق تقريبا، زادت او تقصت، للسيطرة علي القلق . و انا ادرك جيدا ان المشكلة في هذه الطرق ، و اغلب المشاكل ( و ليس الامراض) النفسية هي انها تعتمد ، بنسبة يجب ان تزيد عن ٧٠ او ٨٠ في المئة.. علي إرادة الشخص الذي يعاني منها
و لان بعض الطرق تبدو و كانها (دلع) و رفاهية ، فهي لا تحظي باقتناع الشخص علي انها علاج و حل لمشكلته.. فنحن معتادون علي أسلوب (اكتب لي دوا يا دكتور)
فالانسان بطبعه يرغب في ان تكون هناك عصا سحرية لحل جميع مشاكله ، دون ان يبذل جهدا ..
و قبل ان استطرد في هذه النقطة دعوتي اشارككم امثلة لبعض طرق السيطرة علي القلق الأكثر نجاحا والتي اعنيها
يجب ان توقف الفكرة السلبية التي تملأ عقلك و قلبك وتقطع حبل هذه الأفكار تماما اما بفكرة مصادة.
او بتغيير نشاطك ( قوم اعمل كوباية شاي) او مكان تواجدك ( اترك الغرفة و اذهب الي الشرفة مثلا)
فرغ افكارك علي الورق و فكر في مدي واقعيتها و تذكر أفكار اخري كانت تقلق .
واذا كانت قد تحققت في الناضي ام لا ( غالبا ستكون الاجابه انها لم تتحقق.
لان ٧٠-٨٠٪ من السيناريوهات المقلقة التي نفكر فيها لا تحدث، بحسب الدراسات العلمية)
مارس الرياضة
تواصل مع اخرين ( حتي لو كانوا غرباء)
اخرج في الهواء الطلق و الشمس
تأمل في الطبيعة (السما، أي شجرة جنب بيتكم،…)
اهتم بنفسك و دللها ( شموع بريحة و حمام دافي،…)
و غيرها العديد من الطرق
و طبعا اصعب نقطة في التنفيذ هي اول نقطة ، اما الباقي السهل فهو يندرج تحت ( هو احنا فاضيين للدلع دة)
وهكذا يغلق الشخص الذي يعاني من القلق الأبواب امام نفسه و امام المعالج او اللايف كوتش ببساطة شديدة، ثم ينتظر الفرج من الله دون مجهود منه و نفس الشخص حتي لو كتب له طبيب نفسي دواءا للتهدئة سيخاف منه و يرفضه ، لانه يخاف ان يدمنه و يخاف ان يعبث احد بكيمياء مخه!
وتؤكد الدراسات النفسية ان رفض الانسان لبذل مجهود من اجل تغيير عاداته عامة هو طبيعة جبلنا عليها .
و نظام امني نفسي اودعه الله فينا لحمايتنا ؛ فعقولنا مينية علي ان اللي نعرفه اامن من اللي ما نعرفوش)
الحقيقة ان عقولنا في الأساس هي عقول شديدة البدائية عظيمة القدرات ..
أي انها يمكنها ان تأتي بابدع الأفكار و الحلول و الابداعات الخارقة.
لكنها تحتاج مننا ان نبذل الجهد اللازم لادارة ماكينة العقل ، لو صح ان نشبهها بالماكينات او الكمبيوترات.
وانها اذا تركت بلا إدارة تفسد علينا حياتنا و تدمر نفسياتنا..
لذا فان الاعجاز في خلق البشر يكمن دائما في دورهم في إدارة العقل و مجاهدة النفس و صيانة الجسد .
لننعم بما منحنا الله .. فالسماء لا تمطر ذهبا و الراحة النفسية لن تحل عليك وانت نائم ..
بل بالعكس، ان لم تشغل عقلك بما يسعدك و يفيدك سيشغلك هو بما يقلقك و يخيفك ..
و سيتحول الي وحش يسيطر علي حياتك و يقلق منامك و يضعف جسدك ..
و ليس القلق هنا الامثال يجسد لنا أهمية ان نعمل عقولنا و نديرها بانفسنا .
حتي نحقق راحتنا بل و نحقق حتيابعد احلامنا تحقيقا .. لان المكنة قدراتها جبارة .. و ان لنفسك عليك حق..
اما الحلول التي تبدو سهلة و ليس لدينا وقت لممارستها.. فهي حلول سهلة التنفيذ فعلا ..
لكنها كلها حلول انتجها العلم و دللت عليها الدراسات و اثبتتها الكتب و الأبحاث ..
فهي علاج رباني مجاني و ليست دلع و رفاهية! فقد اودع الله في داخلنا الدواء كما اوجد الداء..
و صدقني عزيزي القارئ سيحاسبنا الله يوما ما علي عدم استغلال الطاقات المتاحة في داخلنا
او الحلول المجانية التي وهبنا إياها و استهننا بها و العلوم التي فتح الله علينا بادراكها !