انا وهستيريا الكورونا – دسوقي
اليوم يوم من ايام الكورونا العادية او ايام الكورونا الغير عادية بمعني اصح
في تمام العاشرة و النصف استيقظت علي صوت لم اسمعه من فترة .. صوت دسوقي
دسوقي هو ذلك الصنيعي المخلص الامين الذي نأتمنه منذ خمسة و عشرون عاما علي
بيتنا لاصلاح و ترميم و تجديد كل ما نرغب فيه.. كنت دائما اتهم زوجي بأنه لن يجد ما يشغل به
نفسه بعد عمله ، اذا ما اختفي دسوقي من حياتنا لاي سبب.. فهو يقضي جزء كبير من وقته في اتصالات
تليفونية ورسائل صوتيه علي واتس اب و صور و فيديوهات كلها تصور التعديلات و المواد الخام التي يجريها دسوقي
في منزلنا الجديد الذي نعده منذ سنوات
المهم منذ بدإت هيستريا الكورونا و انا لم ارى دسوقي، الا في هذا اليوم الذي استيقظت علي صوته يملأ البيت و هو يتحدث
مع زوجي في مدخل البيت .. قفزت من مكاني كالمجنونة..
“دسوقي في البيت ” ازاي؟!” ازاي ييجي دسوقي البيت في ظل وباء كورونا..
اولا ؛ البيت معقم و لا اعلم الي اي مدي ستمتد ايدي دسوقي في البيت .. لا بد انها ستلمس كل شئ !
ثانيا ؛ لا بد انه سيقف في مسافة أقل من مترين من زوجي .. ليتناقشا في الحسابات و التفاصيل و التشطيبات و الدهانات..
و طبعا وجدت ما خشيت .. دسوقي و زوجي في غرفة المكتب و بينهما اقل من متر واحد فقط! يا نهار ابيض!!
و يا ريت دسوقي فقط في الغرفة، انما ناصر كمان اخو دسوقي و مساعده في الغرفة، يجثو علي ركبتيه ليتتبع اسلاك كهربائية
تمالكت نفسي و سيطرت علي ملامحي و وضعت ابتسامة هادئة ثم قلت “صباح الخير” قلتها و انا احاول ان اغمز لزوجي لاطلب منه ان يخرج من الغرفة ورائي.. و بالفعل جاء ورائي مندهشا ماذا اريد .
لم اتوانى بصراحة اول ما انفردت به عن استجوابه كمحققي الشرطة ؛ لماذا جاء دسوقي؟ و لماذا تقف علي مقربة لا تتعد المتر منه؟ تغير وجههه و كإنه تذكر فقال: ااه انا خارج اهه من الغرفة” تعجبت و سألته بخبث : اعملهم شاي، عندي عدة اكواب بلاستيكية هنا ؟” فوقع في الفخ و اجاب .. عملت لهم خلاص و شربوا ..” و اخذ بسرعة يمسك الاكواب التي شربوا فيها و يغسلها بالماء والصابون..ويعقم مكان بصماتهم علي الاكواب و الصينية، حتي يمحوها تماما
لاحول و لا قوة الا بالله! تعجبت في نفسي ماذا لو لم يكن زوجي من اشد المتابعين لاخبار فيروس كورونا و يعمل بجد علي مشاركة كل رسائل الواتس اب التي تحمل اخباره سواء الصحية او الاقتصادية ..
دخلت المطبخ اعد فنجانا من القهوة .. و انا افكر كيف ساعقم غرفة المكتب!! ثم انتبهت فجأة اني لا اسمع اي صوت لا لدسوقي و لا ناصر و لا زوجي !! دعوت الله ان يكونوا قد غادروا بسرعة .. الحمدلله.. لكن فجأة صدمني صوتهم من غرفة نومي!!! يا للهول .. جريت لهناك .. وضعت ثانية علي وجهي ماسك الابتسامة و الهدوء و سإلت خير ؟ في ايه في الغرفة؟ فرد دسوقي ( هنصلح تليفزيون غرفة النوم يا مادام) فابتسمت و مشيت و انا اردد في داخلي ( هو دة وقت صنايعية.. احنا في زمن الكورونا، الحكومة عاملة حظر تجول و مانعة الناس تزور اصحابها !!! قررت ان اكون اكثر ايجابية و لا انغمس فيما قد حدث بالفعل و بدأت أردد ساعقم غرفة المكتب و غرفة النوم و المسافة بينهما لا بأس )
مرت نصف ساعة..ثم سمعت صوت دسوقي في غرفة الليفنج .. يا الهي !! وضعت نفس الابتسامة و كررت نفس السؤال فرد عليا دسوقي ( ريموت التليفزيون مش شغال يا مادام) طبعا دسوقي وضع بصماته كدة علي كل شئ.. التليفزيون ، الريموت، الطاولات ، اكواب الشاي، اثار اقدام )
فاجأني دسوقي بان اخرج من جيبه بخاخ كحول ايثيلي تركيز ٧٠٪ ( الذي لا اجده متوافر في اي مكان ) يرش منه علي الريموت .. يبدو انه لاحظ توتري .. فقلت له ؛ جبته منين يا دسوقي ؟ و بشهامة ابن البلد المعتادة رد؛ احيب لك يا مادام لو عايزة) فشكرته و انصرفت.. واخر المطاف سمعت بأذني رد دسوقي علي زوجي ( ما تعقمش دلوقتي يا بيه غير لما نمشي اصل مفيش حتة في البيت ما دخلنهاش) طبعا كلامه صح ! عندها سلمت امري لله و حاولت ان ابقي ايجابية و اكون اكثر ايمانا و تسليما لله فقلت لنفسي خلااص هنعمل ايه هاعقم علي اد ما نقدر و نصينا هو اللي هيصيبنا ! انصرف دسوقي و اخذ زوجي بكل طيبة يعقم بمحلول الكلور مقابض الابواب التي امسكها دسوقي مجتهدا ..عندها تنفست الصعداء و قلت لزوجي الحمدلله خلصوا. لكنه فاجأني بالضربة القاضية ورد بتلقائية شديدة ( لا هييجوا بكرة تاني) حينها ادركت ان كورونا دخلت بيتنا و لا مفر من قضاء الله و لا حول و لا قوة الا بالله!