انتهز الفرصة
سنوات طوال مضت كنت اخطط فيها لأن احيا حياة مثالية، أرسم تفاصيلها بيدي، اشكل ملامحها كما أريد، امشي في اتجاه احدده لنفسي ، و لا تحدده لي الظروف ، اصبح ريشة تسطر فوق الورق ما تحب و ما يدور بخلدها ، لا ريشة في مهب الريح
كنت أنجح تارة ، و أفشل تارة .امشي علي سطر و أترك سطر .. أقود الدفة أحيانا و تلتهمني الدوامة احيانا اخري.. و هذا أمر طبيعي .. فمن غير الطبيعي أن نعيش حياة المثالية و أن تضحك لنا الدنيا كل الوقت.. الطبيعي هو ان نجاهد او نقاوم عندما تكشر الحياة أنيابها في وجوهنا..
كنت اتحجج لنفسي عن تحقيق ما أريد تارة بظروف الحياة و مفاجآتها و تارة بضيق الوقت و تارة بالتعب و الارهاق من كثرة المسؤليات..
كم تمنيت إن يتاح لي الوقت الكافي لأجلس وسط اسرتي .. اعتني بهم و انا في مزاج جيد ..نتمشي ، نلعب ، نتبادل أطراف الحديث دون استعجال لانهاء مسؤليات اخري.
كم تمنيت ان اجد فقط عشرة دقائق في اليوم امارس فيهم الرياضة ولو داخل المنزل .. كم تمنيت ان أجد وقتا لاقرأ ،، وقتا لاجلس مع نفسي في هدوء، وقتا لاطهو بيدي بمزاج وصفات شهية صحية.. كم تمنيت ان اصلي بلا استعجال بخشوع و ان أجد وقتا لاتلو القران و اتفقه فيه، أن اجد وقتا لادون بعض ملاحظاتي عن حياتي حتي انجح في تغيير ما اريد من عادات.. ان اجد وقتا لاخذ دروسا في العلوم الحديثة اونلاين .ان اجد وقتا لاتامل ، لاعتني ببشرتي ، لاهتم بصحتي… ربما كنت طماعة .. كنت اود ان اجد وقتا لكل هذه المهام في ظل عملي في وظيفة بدوام كامل و كوني ام و وزوجة!
و فجأة .. بين غمضة عين و انتباهتها.. و كأني لمست عصا سحريةاو .كأني مسحت علي مصباح علاء الدين .. فجأة خرج علي المارد العملاق ليحقق لي حلمي .. خرج علينا و ليس علي وحدي مارد الكورونا.. خرج علينا و حقق لنا امنية يبدو أن العالم كله تمناها معي و اني لم اكن أحلم بها وحدي .. منحنا الوقت ..نعم .. فرغنا من جميع مهامنا، اوقف عجلة الزمن و اعادنا الي الايام الاولي التي كنا نتمني عودتها .. كنا نشتكي من عصر السرعة و اللهاث وراء اكل العيش كنا نتمني ان نجتمع كأسرة علي وجبة الغذاء ، فجمعنا علي جميع الوجبات .. كنا نتمني ان نطهو وجبة واحدة صحية و شهية كالوجبات اللاتي كانت تعدها أمي لنا دون استعجال ، بدل من الوجبات السريعة الدسمة الضارة التي نطلبها من مطاعم فرضها علينا زمن العولمة ، كنا نتمني ان نجد وقتا نصاحب فيه ازواجنا و اولادنا فنضحك سويا و نلعب سويا دون ان نفكر في اعمال الغد ..
منحنا المارد كل ما تمنينا ..و لا زلنا نتذمر و نتمرد .. أعادنا الي عصر كانت تجتمع فيه افراد الاسرة حول التلفزيون.. اعاد لنا مشاعر نبيلة انشغلنا عنها تجاه اهالينا و ذوينا ، تذكرنا قيمة وجودهم في حياتنا فبتنا ندعو الله يحفظهم لنا..
لقد أصبح لدينا متسع من الوقت نفعل فيه ما تمنينا و أجلنا.. أصبح في متناول أيدينا و مع ذلك لا نستغله بل و نتذمر انا وغيري و كأننا ادمننا حياتنا الاولي و لم نعد نعرف كيف نحقق امانينا و لا كيف نستفيد من الوقت .. هاهو ذا الوقت أمامنا جميعا لنفعل كل ما كنا نؤجله لنقوم به (لما يبقي في وقت)
ها هو الوقت قد اتيح لنحيا حياة اجدادنا الصحية ، لنعود الي الطبيعة و استنشاق الهواء و ممارسة الرياضة و الاكل الصحي و التواصل مع من نحب.. ها هو الوقت قد اصبح متاحا .. اعطتنا اعمالنا اجازات مفتوحة ، تخلصنا من سخافة مديرينا و احيانا زملائنا ..
وهبنا المارد الوقت كاجدادنا و ترك لنا التكنولوجيا بين يدينا.. فماذا ننتظر و ماذا نحن فاعلون ..
الفرصة ذهبية .. و الطريق واحد فقط ؛ اما ان تهتم بصحتك و حياتك و حياة أسرتك و تتواصل معهم في البيت و تهتم بثقافتك و تمارس حياة صحية يملأها الرضا و القناعة والايمان بأن لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا فتمتلأ روحك بالقوة و تضفي قوتك قوة علي مناعتك الجسدية فتتحدي الامراض و تهنأ بالعيش
و اما تظل كما أنت . لا تتغير .. نفس عاداتك ..لا تنتهز الفرصة ..لا تهتم بنفسك و لا صحتك و لا من حولك .. تظل متذمرا شاكيا خائفا ينهش القلق جسدك فيتركه ضعيفا منهكا نفسيا و جسديا فتصبح فريسة سهلة للمرض و تلتهمك الكورونا بكل سهولة لانك سقطت في الامتحان و لم تفهم الدرس ..
اننا الان تماما نعيش قصة ليلي و الذئب .. تحذرنا حكوماتنا من الذئب في الخارج متنكر متربص، ترجونا حكومات العالم ان نبقي في المنزل و الا سيلتهمنا الذئب .. البيت هو الملاذ الامن ، حضن الاسرة هي الحماية ، الصحة هي الامانة التي استودعنا الله اياها لنهتم بها و الا زالت
فلننتهز الفرصة و نحقق ما تمنينا فننجو جميعا من الذئب المتربص في الخارج .. من الفيروس الذي حير العالم ،، من كورونا