“لا تغيري خلطتك السحرية من أجله” كتبه غادة حامد
هي امرأة ككل النساء ، خليط من كل الصفات التي خلقها الله حولنا، بها بعض من الطيبة، علي قليل من الخبث ، بعض من الجدية و بعض من خفة الظل ، شئ من الالتزام و شئ من التسيب. تحب الحرية وتكره القيود، تكره الفوضى والعشوائية، لكنها تلزم أفراد أسرتها بنظام صارم يتحلى بنكهتها المفضلة .
هي امرأة في قلبها كثير من الحنان و قليل من الكره، كثير من الخوف علي احبائها، و كثير من القوة كي تدعمهم، في عقلها ضجيج من تزاحم الأفكار و تكاثر الأشجان، و علي لسانها الكثير من الأدعية و كثير من النصائح تملأ بها سماء من تحب، فتظلهم من قساوة الحياة. تتسارع دعواتها مع كلماتها فتتعثر في قبلاتها الخارجة بين شفتيها.
هي امرأة لها جمالها الخاص ، ليس جمال الملامح الذي يمكن ان تراه في اي مكان ، بل نور يشع من بين عينيها ، يظهر في قلق عينيها عندما يغيب الحبيب ، يضحك العالم عندما ترتسم ابتسامتها و يزأر لغضبها.
هي امرأة قست علي نفسها ، و لامتها مرارا ، و أنبتها تكرارا لما هجرتها عيون حبيبها .
لقد ابتدعت نكهات و مذاقات متنوعة ،تضفيها علي شخصيتها ، علها تأسره باحداها ، نجحت أحيانا و فشلت أحيانا أخرى.
وفي ساعة صفت فيها السماء و ازدادت زرقتها لمعانا و انجلت الغيوم الرمادية عنها، في لحظة تأمل ، تبادر الى ذهنها سر الخلطة السحرية التي آمنت أنها ستأسره بها .
و هل هناك امرأة علي وجه الأرض لا تتمنى أن تأسر حبيبها فلا يرى من نساء العالم غيرها و لا يسمع صوتا غير صوتها ، يفكر بعقلها و يتنفس اكسجينها. يتبع خطاها ، يرشف من كأسها، يفني عمره من اجلها، يقدسها كفينوس آلهة الحب. تحلم كل امرأة أن تصل إلى سر تلك الخلطة السرية التي تحقق لها كل ذلك ، الخلطة السرية السحرية لجوليت و أوزوريس و ليلي و عبلة و شهرزاد و غيرهن ممن توصلن إلى مرادهن و أسرن قلوب رجالهن فتواردت قصص عشقهم الأسطوري في التاريخ مضرب مثل لكل الأجيال.
نعم ، هناك سر ما يجعل لكل امرأة نكهة و روح مختلفة ، هذه النكهة هي كبصمة العين تختلف من واحدة لأخرى.؛
فالنساء أغلبهن يتمتعن بالطيبة والحنان و القلق و الخوف و حب الكلام و حب السيطرة و حب الاهتمام. الا أنك يمكن ان تتخيل أن نسبة وجود كل صفة في كل امرأة هو الذي يجعلها فريدة عن مثيلاتها ، متميزة في روحها وشخصيتها.
أخيرا وصلت ،هي ، الي سر الخلطة التي ستحقق حلمها في العشق الأسطوري، لن تضيف كثيرا من الحنان و لن تقلل من حبها للتملك ، لن تغير من طريقتها في الكلام، و لن تتأنى قبل أن تعبر عما بداخلها، فقط ستبقي كما هي ! ان سر الخلطة هو ( ألا تتغير) ، بل أن تحاول ان تحافظ على الخلطة الربانية التي خلقت بها . فهي نفس الخلطة التي جذبته إليها!
نعم لقد اختارها و أحبها لأنها تتمتع بهذه الخلطة السحرية التي خلقها بها البارئ ، لقد أحبها بمكوناتها الأساسية و مقاديرها المميزة ، قد تخفف من الشطة او تزيد السبايسي ، قد تخفف القرمشة او تزيد الليونة ، قد تضيف بعضا من الكاتشاب او تقلل الدهون ، لكنها لن تتلاعب بالخلطة السرية التي جذبته يوما و أدخلتها قلبه ..
ستبقي كما هي ، تعلم أنه أدمنها ، و ليس من السهل أن يقلع عنها . أما و ان استطاع ، و أقلع ، و اشتهى خلطة أخرى ، فليذهب ، فليبحث عنها ، لكنه لن يسلاها ، و لن يغيب عن فمه مذاقها يوما ، ربما لأنه أحبها أولا ، فتعلم علي يدها كيف يكون طعم الحياة .
مذاقها سيفسد عليه النكهات الأخرى كلها ، سيجد كل الأطعمة مذاقها ، مثل مذاق الأكلات المنزلية التي تعدها الأمهات في البيوت لتقلد أشهر أكلات المحلات الكبرى، طعم غير متقن ، يختلف عن الطعم الأصلي. مهما تذوق ستسيطر نكهتها عليه، فتفسد عليه حواسه الأخرى. سيرى صورتها تتراقص أمامه ،سيتنفس عطرها، و يشم رائحتها في كل الأركان ،لن يستطيع أن يهرب من قدر كتب عليه؛ أن تطارده عيناها في كل مكان .وأن أغمض عينيه هربا ، سيجدها بين جفنيه .
وان نجحت غيرها و جذبته ، فلتعلم أنها لم تكن،هي ، يوما نكهته المفضلة ، ولم يذب عشقا فيها ، و لتبق هي ، هي بخلطتها السحرية دون أن تفسد ها ابدا . لن تغير من نفسها حتى يرضى، وليذهب دون ان يفسد خلطتها و شخصيتها ، فتفقده و تفقد نفسها . و لتحيا بسلام في عالمها ، مرتاحة البال ، تهنئ بكل ما يقويها و يسعدها دونه ، كما سعد بالحياة دونها.