غادة حامد تكتب: “الطلاق ولا الضرة؟”
هي ، اتعلمت زي كل بنات جيلها ما اتعلموا، من اول ما فتحت عينيها علي الدنيا و اهلها بيقولوا لها لازم تروحي المدرسة لما تكبري، لان التعليم سلاحك في الزمن دة.
كلام سمعته كتير و رددته من غير ما تفكر فيه بجد، لانها بصراحة، اعتبرته كلام اسطوانات ، كل الناس بيقولوه لبناتهم بنفس الالفاظ.
راحت المدرسة ، زي ما طلبوا منها, دايما يقولولها انها احسن من البنات التانيه اللي في الارياف و الاقاليم و القري , اللي اهلهم مش بيعلموهم اصلا؛ و يا اما بيجوزوهم بسرعة ، و يستروهم، و يخلصوا من حمل الصرف عليهم او اي فضيحة ممكن تيجي من ناحيتهم، يا اما بينزلوهم شغل مش محتاج تعليم ، عشان برضه يساعدوا في المصاريف، لكن هي حظها احسن من حظ البنات اللي بتسمع عنهم دول. علي الاقل هي بتروح مدرسة محترمة، و بتتعلم فيها لغة كمان.
لكن عمرها ما فكرت انها تتعلم بجد، كانت دايما بتذاكر كل اللي مطلوب منها ، و تروح ترجعه علي ورقة الامتحان و تنساه مع نهاية الامتحان، برضه، زيها زي اغلب البنات اللي معاها في المدرسة! ييجيبوا درجة كويسة، و ينجحوا و يوصلوا للسنة الدراسية التالية. عمرها ما فكرت انها تتعلم بجد حاجة تنفعها و لا صدقت ان التعليم دة سلاح فعلا، هو في رأيها مش اكتر من شكل اجتماعي لازم تكمله . و الشغل ، دي حاجة اختيارية بالنسبة للبنت ، حسب رغبتها و رغبة زوجها.
عمرها ما تخيلت ان الزمن هيجبرها انها تشتغل ، زي ما حصل بعد ما انفصلت عن زوجها، اللي كان بيحبها و بيخاف عليها و بيحب يريحها و يستتها, فقعدها في البيت. قال لها ايام الخطوبة “ايه لازمته الشغل طالما انا قادر اصرف عليكي”. فرحت بالكلمتين دول، و بقت بتفتخر بيهم في كل مكان و كل ما صاحباتها يسألوها ؛ انتي ما اشتغلتيش ليه بعد الجواز؟
ماجاش في بالها و لا لحظة ان جوزها ممكن تلف عليه واحدة تانيه وتاخده منها . مش هتنسي عمرها اليوم اللي اكتشفت فيه انه علي علاقة بواحدة زميلته في الشغل ، لما سألته عنها شافت في كلامه انبهار بشخصية زميلته القوية في الشغل و ازاي انها مثقفة و قادرة تمشي الشغل علي الصراط المستقيم و في نفس الوقت محتفظة برشاقتها وجمالها و انوثتها! ساعتها النار ولعت جواها ، و اتحسرت علي نفسها ، يعني هو انبهر بالشخصية اللي حرمني اعيشها!
و بدأت تدور ورا جوزها و تسأل لغاية ما اتأكدت من شكوكها، بس اتأكدت متأخر للاسف! واجهته؛ بص في الارض و قال لها “كويس انك عرفتي ، انا عموما راجل جد و بتاع ربنا ، و ناوي اتجوزها “! نزل عليها سهم الله ! ما بقتش عارفة تصرخ ، مش لاقية قوة عشان تصرخ ، صوتها راح ، و ذكائها كمان !
ردت ؛ “و انا؟ بعد عشر سنين جواز و تلات ولاد تسيبني! “
قال لها : “مش لازم اكون هاسيبك، انتي اختاري الحل اللي يريحك يا بنت الناس”
.حل ايه ! يعني يا تقبل ضرة ، يا تطلق ! طبعا هاتطلق…
وضعت راسها علي المخدة ، بعد ما سابها و مشي ، عشان تفكر براحتها. و من ساعتها و انهار الدموع بتحفر علامات الشقا علي خدودها.
اتطلق ، و اصرف منين ! معقولة العروسة هتخليه يصرف علينا زي الاول ، ولا هاطلب نفقة؟ و النفقة بقي هاقعد اول كل شهر اجري وراه عشان اخدها؟ و لو الاسعار زادت و لا حد من الولاد تعب، اروح ادور عليه عند العروسة عشان ييجي يدفع الدكاترة !
لا انا مش هاعمل في نفسي كدة! انا مش عايزة منه حاجة ! انا هانزل اشتغل و اصرف علي نفسي و اولادي. من بكرة هادور علي شغل .
……. يتبع …..